لست مثيرةلستُ مثيرة... فكيف أغري الرجال؟

عبارة ردّدتها على مسمعي الكثير من النساء اللواتي يتشاركن جميعاً في أمر واحد... جميلات أو على الأقل لسن قبيحات! أهو تعليق تناهى إلى مسمع المرأة أو رسالة وصلتها، أم أنه مجرّد إنطباع لديها عن نفسها؟

قبل التطرّق إلى مسألة عدم القدرة على الإغراء والدور الذي يؤديه الجمال في هذا المجال، فإن الإجابة تكمن في طريقة طرح السؤال أو التساؤل بحد ذاته، وفي بعض مفردات النفي أو النهي الذاتي الواردة فيها. وهي تحمل في طياتها حكماً على الذات ذا طابع سلبي للغاية. من هنا يمكننا إعادة صياغة التساؤلات؛ من هو الذي يقرر إذا كانت المرأة جميلة أو مثيرة أم لا؟ وبنظر من هي ليست مثيرة؟ وقبل ذلك، لماذا قد يتبادر إلى ذهن إمرأة ما بأنها ليست جميلة وبأنها غير قادرة على الإغراء؟

الجمال في المطلق ليس سوى إضافة سطحيّة وخارجيّة للأنوثة. والإغراء موجود بالفطرة لدى الأنثى ولا يوجد ما يمكن أن يمنعها عن "ممارسته" في حال كانت لديها رغبة في ذلك. وهنا أعود لأذكّر بمقتطفات من مقالة سابقة عن سلطان المرأة:
"الصيّاد ليس حكماً من نعتقد. يمكنكم محاولة إغراء إمرأة ترفض أن تستجيب لكم ولمحاولاتكم، عندها تقتنعون بمن لديه السلطة في عملية الإغراء".

فالمرأة يمكن أن تكون الصيّاد أو لا. لكنها في نهاية المطاف حكماً، هي من يقرر أن يكون "طريدة" أم لا. لذا، المرأة بطبيعتها قادرة على إتخاذ قرار الإغراء أو عدمه. وفي حال ظهرت لديها أي شكوك حيال هذا الأمر، فلذلك أسباب عديدة يعود بعضها إلى رواسب تربويّة ودينيّة وإجتماعيّة متغلغلة في اللاوعي الفردي والجماعي، وبعضها الآخر إلى أسباب محض فردية... لعل أهمها هو الثقة بالنفس، وحب الذات، والرضى عن كل ما نقوم به.

للوهلة الأولى قد لا نجد رابطاً بين القدرة على الإغراء والثقة بالنفس وحب الذات، والرضى عن الذات، وخصوصاً أن الإغراء كما ذكرنا سابقاً موجود بالفطرة لدى النساء. إلاّ أننا نسينا أو نتناسى أن تربية الفتيات في مجتمعاتنا تفتقر إلى تعزيز الثقة بالنفس ونزعة الإستقلالية لديهن وأنها تقوم بشكل أساسي على مبدأ التبعيّة للرجل عموماً، وللأب، والعائلة، والمجتمع، والدين بالطبع، ومن ثم الزوج والأولاد. هذا عدا عن كون الإغراء محرّماً، وإن سُمح به فلهدف أوحد هو إيجاد الزوج أو شريك الحياة.

فكيف لإمرأة أن تشعر في ظل كل هذه المحرّمات والضوابط، بأنها شخص سوي وكامل وحرّ في خياراته، ومن أين لها الثقة الكافية للتوجه نحو الآخر والإنفتاح عليه؟  ولا عجب إذا شعرت المرأة بالخوف وترقبت ردّة فعل الآخر (الرجل غالباً سواء كان الأب أو الزوج أو الأخ أو حتى الطريدة /الهدف أو الشخص الذي تريد إغراءه...) وحكمه. وبدأت بالتردد والتلكؤ والتشكيك بنفسها ومظهرها وأمور أخرى من بينها قدرتها على الإغراء ولفت أنظار الآخر. وهنا تجد المرأة نفسها عندما يلفت شخصاً ما إنتباهها، أمام أحد هذه الخيارات:

- تغض النظر عن الموضوع مؤمنة بأنها ليست أهلاً لإغراء هذا الشخص، وأنه ليس لها الحق بالقيام بذلك أصلاً.

- تمضي قدماً وتتجرأ على المحاولة، إلاّ أن تشكيكها وعدم ثقتها بنفسها سيقفان عائقاً أمام الحصول على مبتغاها.

وفي كلا الحالين، يكون موقفها إنهزامياً في البداية. فمن أين لها أن تحقق ما تصبو إليه؟ فقد أرسلت من جرّاء هذا الموقف المدرك والإنهزامي رسالة سلبية إلى لاوعيها، مما يؤدي إلى حصول إرباك بين الوعي واللاوعي سينعكس سلباً على صاحبة العلاقة.

والأجدى في هذه الحال بالنسبة إلى المرأة، أن تتمعّن في الأمر وتفكر وتحدد ما الذي تريده وتسعى إلى تحقيقه في هذه الحياة؟ ومن هم الأشخاص المعنيّون في قراراتها؟ وأي دور للآخرين – جلّ من كان- في حياتها؟
وهي ستتوصل في حال كانت صادقة مع نفسها فعلاً إلى أنها في نهاية المطاف أفضل من يعرف نفسها وأنها صاحبة القرار والكلمة النهائيّة.

لذا، الثقة بالنفس وحب الذات هما الركيزتان الأساسيّتان اللتان ستخوّلان المرأة إذا تسلحت بهما، تسخير جميع إمكاناتها الفطرية والمكتسبة للقيام بما تريده وتحقيق أهدافها، وتفتح  أمامها تالياً جميع الأبواب... بما في ذلك قلوب الرجال.

أعرف أنه ليس من السهل في ظل الأسباب التي سبق وذكرناها، أن تتمكن المرأة إلى التوصل إلى هذا المستوى من الإستقلاليّة. ولكن لنكن واقعيين؛ يعرف كل منا، تمكنت امرأة واحدة على الأقل من الإنعتاق والتحرّر من القيود وتوصلت إلى مستوى من الإستقلالية الذاتيّة والنفسيّة جعلتها واثقة للغاية من نفسها وراضية عن ذاتها.

المرأة الواثقة من نفسها، وبغض النظر عن شكلها الخارجي، هي بمثابة مغناطيس يشدّ الرجل ولو على بعد أميال سواء كانت مدركة لذلك أو لا. وأغلب الظن أنها واعية لهذا الأمر ولن يتبادر إلى ذهنها تساؤل كالذي ذكرناه في مقدمة المقال. لديها عالمها الخاص واقتناعاتها ولن تفكر أو تأخذ في الإعتبار ما يفكر به الآخرون وأحكامهم، بل هي تعرف جيداً ما تريد سواء كان عملاً أو غرضاً... أو رجلاً... فتوظف جميع إمكاناتها للوصول إلى مبتغاها. ولا عجب أن يأتي الإغراء في طليعة هذه الإمكانات.

كيف أغري الرجل؟ - الإغراء يكمن في الإعتناء بالذات للإحساس بأنني مثيرة أولاً، و وفي مضاعفة إنتباهي للآخر ومفاجآته، كذلك يكمن في إحترامي لنفسي. الإغراء هو حالة نفسيّة إيجابيّة تجعلني خفيفة الظل وجذّابة. وبكلمة أخيرة، الإغراء هو رسالة تناغم ذاتي وفرحة داخلية أوجهها للآخر وللعالم.

 

الدكتور بيارو كرم

Dr. Pierrot Karam

 

Sexologist,  Psychotherapist and Hypnotherapist

Videos

Alpha Phi Delta crest EFS logo logo SFSCWAS LOGO1 world council for psychotherapyIACTmembersmISH international society of hypnosis Logo dz