عن قيمتك الجنسية لدى الشريك
في آلية العمل الجنسي، بالإضافة إلى مرحلة المداعبات الأوّلية، قسمت الإستجابة الجنسية وفقاً للباحثين "ماسترز" و"جونسون" في ستينات القرن الماضي، إلى المراحل الآتية:
مرحلة المداعبات
كما هو معلوم، تتعزّز الرغبة وتأخذ منحاً تصاعدياً وتتطور مع تدفق الكلمات والمداعبات واللمسات التي تسبق خوض غمار أي نشاط جنسي. ومن المهم للغاية معرفة أن جسم المرأة يتطلب وقتاً للإنطلاق في الإستجابة الجنسية يفوق الوقت اللازم مقارنة بالرجل، لذا على هذا الأخير أن يأخذ في الإعتبار التأخير والفارق في وقت إنطلاق الإثارة لديه ولدى شريكته.
مرحلة الإثارة أو الإستثارة
تبدأ هذه المرحلة عندما تستجيب فيها المرأة للمداعبة ويبدأ الترطيب المهبلي لديها، فيما يحدث الإنتصاب لدى الرجل على إثر تفكير "إيروتيكي" (شهواني) أو رغبة في التقارب أو تحفيز جسدي على نتيجة المداعبات. ونشهد لدى المرأة إنتفاخاّ في البظر والشفرات فضلاً عن توسّع في المهبل. يمكن أن تستغرق وتستمر هذه المرحلة بضع دقائق، كما يمكن أن تدوم وقتاً أطول.
مرحلة إستقرار تصاعد الإثارة
وهي المرحلة التي ترتقي فيها الإثارة لدى الشريكين إلى ذروتها، وهي تمتد إلى اللحظة التي تسبق النشوة، أي الرعشة عند المرأة والقذف عند الرجل. وتختلف هذه المرحلة من شخص إلى آخر من حيث القوة والمدة. كذلك تتأثر هذه المرحلة بوتيرة وتوافق وتناغم الشريكين من بين أمور وعوامل أخرى وتشهد أيضاً تسارعاً كبيراً وتغيّرات مهمة على مستوى التنفس، ونبضات القلب، وضغط الدم، والعضلات، ويدخل ذلك في إطار إستعداد الجسد لبلوغ النشوة.
مرحلة النشوة
لا تدوم سوى ثوان قليلة وتتجلّى من الناحية الجسدية على شكل إنقباضات في عضلات المنطقة التناسليّة ومنها العضلة العانيّة العصعصيّة. فتشهد منطقة الحوض لدى الرجل، أي البروستات والحويصلات والحبل المنوي والإحليل، إنقباضات وتقلّصات تؤدي في نهاية المطاف إلى القذف. والرجل يقذف عادة مرة واحدة فقط عند بلوغه النشوة. أما المرأة فتشعر أيضاً بإنقباضات على مستوى المهبل والرحم، ويراوح عدد مرات القذف لديها، لأن المرأة تقذف أيضاً، في كل رعشة بين مرتين وأربع مرات. وتختلف قوة النشوة وكميّة القذف من شخص الى آخر، ولا يوجد معيار أو قاعدة أو مقياس في هذا المجال.
وعلى الصعيد النفسي يشعر المرء عادةً بمتعة شديدة، إلاّ أن هذا الإحساس بالمتعة لا يرتبط بالضرورة بإنقباضات النشوة ويمكن أن يقذف الرجل أو أن تشعر المرأة بإنقباضات النشوة من دون الإحساس بالمتعة التي تصحبها.
مرحلة الخمود أو الإرتخاء
تستعيد الأعضاء التناسليّة خلال هذه المرحلة الشكل الذي كانت عليه قبل أن تُثار جنسياً. وتأتي هذه المرحلة عادة بعد بلوغ النشوة ويمر الشخص عموماً عندها بمرحلة خاملة لا يمكنه خلالها من الناحية الجسدية أن يستثار جنسياً مجدداً. فلا
يمكن الرجل خلالها الإنتصاب من جديد كما لا يتجدد الترطيب لدى المرأة.
تختلف مدة مرحلة الخمول بين شخص وآخر، ولِكلٍ نمطه، وتتأثر أيضاً بفعل
عوامل السن والحالة الصحية. فيمكن أن لا تستغرق هذه المرحلة لدى اليافعين سوى
دقائق قليلة، فيما قد تتخطى أو تزيد عن 48 ساعة لدى الرجل المتقدم في السن.
والمرأة من جانبها قد لا تمرّ بهذه المرحلة إطلاقاً في حال كانت لا تزال تشعر
بالرغبة الجنسية وفي حالة التحفيز الجسدي بشكل صحيح. ويمكن في واقع الأمر أن تعود المرأة إلى مرحلة الإثارة الجنسية أو إلى مرحلة الإستقرار والشعور بأحاسيس وأبعاد جديدة من المتعة تقودها أحياناً إلى نشوة جديدة.
من هنا، من الواضح أن وجود الرغبة ضروري كي ندخل في مرحلة من الإثارة الجنسية والمحافظة عليها، سواء كانت الرغبة على المستوى الفكري أو العاطفي أو الجسدي، وهذا ما يعكس الأهمية التي تكتسبها الرغبة كي ندخل ونستهّل مرحلة الإثارة الجنسية...
ويتطلب الأمر أيضاً إنفتاحاً على الرغبة الجنسيّة. وبكلمات أخرى يجب أن يكون الشخص منفتحاً من الناحية النفسية، عليه أن يتقبّل فكرة النشاط الجنسي وأن يتخذ قراراً برغبته في ممارسة الجنس. الشعور بالرغبة غير كاف؛ إذ يجب أن نقر بهذا الأمر ونتقبله وإلاّ فسنصل إلى طريق مسدود في مراحل مختلفة من الإستجابة الجنسيّة. ومن ناحية أخرى، يستطيع شخص أن يقرر أنه يرغب في ممارسة الجنس ويؤسس لرغبته من هذا المنطلق وذلك قبل أن يكون قد شعر بأي رغبة. وفي هذه الحالة تعتمد الرغبة الجنسية والإثارة على عوامل محفّزة يبحث عنها الشخص
المعني لهذا الغرض.
وهنا لا بد من التذكير بأن المتعة هي وحدها هدف العمل الجنسي وليس النشوة. إلاّ
أنه، وللأسف، يظن الكثيرون بأن المتعة الوحيدة ذات المغزى خلال العمل الجنسي هي تلك المرتبطة بالنشوة. يقلل هذا الأمر بشكل كبير من شأن المتعة التي يمكن أن تصحب ممارسة العمل الجنسي والحياة الجنسية وتتوّجها.
يدفع هذا المعتقد أيضاً العديد من الرجال والنساء إلى التساؤل بقلق بالغ عن قدراتهم الجنسية؛ فقيمته كعشيق أو عشيقة من هذا المنطلق تُقاس في القدرة على منح النشوة أو الحصول عليها. لذلك، وعوضاً عن الإستمتاع بالمشاركة والإنغماس في تجربة من التواصل الجنسي، يبدأ الشريكان كل على حدة أو معاً بالتساؤل عما إذا كان من الممكن بلوغ النشوة. يحرمان بذلك نفسيهما من متعة كانت لتقودهما لو إنساقا إليها من دون قلق، إلى النشوة؛ هذا عدا عن كون المتعة تجربة رائعة للغاية بحد ذاتها. ومن المعتقدات الخاطئة الأخرى المترسّخة في عقول الكثيرين أنه وبمجرد الشعور بإثارة جنسية، لا بد من أن تكون مقرونة ويليها حكماً نشاط جنسي ونشوة. إلاّ أنه من الممكن الإنسحاب من دورة الإستجابة الجنسية والخروج منها والعودة إلى حالة عدم الإثارة في كل مراحل هذه الدورة. مما يعني أن الشخص، رجل أو إمرأة، يمكنه الإحساس والشعور بالرغبة الجنسية أو الإثارة الجنسية ويقرر عدم القيام بأي نشاط أو عمل جنسي لأنه يرتأي أن الظروف أو الأحوال غير مناسبة للقيام بذلك.
وهل من المجدي التذكير بأن الفعل الجنسي هو للمتعة أولاً وأخيراً ؟
الدكتور بيارو كرم
Dr. Pierrot Karam
Sexologist, Psychotherapist and Hypnotherapist
Lebanon