المتعة، المعاناة... وضحيّة الإعتداء الجنسي !
(الجزء الثاني)
29% من حالات التحرُّش أو الإعتداء الجنسي، يكون فيها المعتدي فرداً من العائلة، و60 % يكون فيها من المعارف أو الأصدقاء. 11 % فقط هي نسبة جرائم الإستغلال الجنسي التي يرتكبها شخص غريب. المعتدي هو المسؤول الوحيد عن أعماله ولا يوجد أي عامل خارجي كتأثير الكحول أو المخدرات يعذره أو يُبرّر أعماله. هذه حجج يلجأ إليها المعتدي للتخفيف من أهمية الجريمة التي إقترفها. بينما يلجأ في بعض الأحيان، إلى حجة عدم القدرة على التحكّم بنفسه لتبرير أعماله وإيجاد أعذار لسلوكه.
تُظهر الإختبارات النفسية أن غالبية المعتدين لا يعانون مرضاً نفسياً، فهم واعون كل الوعي ويعرفون تماماً ما يقومون به. إنما أسطورة أو حجّة أو بدعة المريض النفسي، تُريح معظم المعتدين وتُجنّبهم الإقرار بمسؤوليتهم. الجميع قادر على السيطرة على أعماله والتحكم بها وعلى الجميع القيام بأعمال جنسية من دون عنف أو ضغط أو إكراه. معظم الإعتداءات الجنسية يرتكبها معتدون قادرون على السيطرة على ضحيتهم وإذلالها وإرغامها وإجبارها على حميمية جسدية.
عموماً، يعتمد المعتدي - المنحرف جنسياً - إستراتيجية من أربع مراحل :
- أولاً : إقامة علاقة حميمية مستترة تراوح مدّتها بين ساعات عدة وسنوات، وتهدف إلى ترسيخ الثقة لدى الضحية المستقبلية التي لا يراودها أدنى شكّ في نية المعتدي.
- ثانياً : تواصل شفهي أو تلامس جسدي لائق ظاهرياً للشخص الذي سيتعرّض للإنتهاك؛ كتبادل بعض الأسرار ذات طابع جنسي أو حميمي، أو مداعبات للشعر أو قبلات ودّية، بحيث لا تشعر الضحية بالخوف طيلة هذه المرحلة.
- ثالثاً : إتصال جسدي وتحرّش جنسي؛ هذه هي مرحلة الإعتداء. عندها تشعر الضحية بالصدمة... والمفاجأة ... تجد نفسها مُتسمّرة في مكانها... ينتابها الرعب وعدم القدرة على التفاعل... وتستسلم. في حين يكون المعتدي واعياً كل الوعي لما يقترفه في حق الضحية.
- رابعاً : إستمرار الإعتداء والحصول على سكوت الضحية ؛ إما من خلال إذلالها ودفعها إلى الإحساس بالذنب وتهديدها، أو من خلال إغراقها بهدايا وإمتيازات أخرى مختلفة. ومن النادر أن يُخرق هذا الصمت. غالباً ما تُحيط الضحية الإعتداء بسريّة تامة لمدة طويلة ... إن لم يكن لبقية حياتها.
مضاعفات الإعتداء الجنسي تدوم طويلاً وقد تتطوّر وتأخذ أشكالاً مختلفة تؤثّر بطريقة مباشرة على الضحية نفسها، وبطريقة غير مباشرة على علاقات الضحية الإجتماعية وعلى حياتها الزوجية، إذا تزوجت أصلاً.
مضاعفات التحرّش أو الإعتداء الجنسي على الصحة الجنسية والجسدية للضحية :
عادات حياتية خطرة ؛ إستهلاك مفرط للمهدئات والمسكّنات والتبغ والكحول وتعاطي المخدرات ؛ صحة جسدية متردية ؛ إدراك مترد ومغلوط للصحة الجسدية ؛ إستشارات طبية متكررة ؛ حياة ومسيرة مهنية سيئة وغير مُنتجة ؛ أمراض مُزمنة ؛ آلام مُزمنة ؛ سلوك جنسي خطر ؛ علاقات جنسية من دون حماية ؛ شركاء جنسيون متعددون ؛ تعقيدات على مستوى الجهاز التناسلي وخلال الولادة ؛ مشكلات جنسية مثل عسر الجماع والتشنّج المهبلي وإستحالة الرعشة وغيرها...
مضاعفات نفسية :
إكتئاب ؛ إضطرابات في الشخصية ؛ إضطرابات ذهانية ؛ هلع وخوف ؛ ضائقة وكرب نفسي ؛ إنفصام ؛ أعراض ما بعد الصدمة ؛ قلق ؛ تشويه للجسد ؛ تفكير في الإنتحار ومحاولات إنتحار وإنتحار...
مضاعفات على مستوى العلاقات الإجتماعية والحياة الزوجية :
تراجع الثقة في الآخرين ؛ مصاعب / مشكلات في التعلّق والإرتباط ؛ نقص في الإستقرار مع الشريك ؛ تزايد النزاعات العائلية والشخصية ؛ الإنعزال ؛ خوف من الحميمية ؛ عدم إشباع جنسي بين الزوجين ؛ مشكلات ونزاعات زوجية أخرى ؛ عنف زوجي.
في الخلاصة :
جميع الدراسات تؤكد أن 70% من الفتيات و30 % من الفتيان يتعرّضون للتحرّش الجنسي قبل بلوغهم سن الرشد. وهذه الأرقام أكثر من صحيحة في مجتمعنا.
لذلك، ولأسباب عديدة أخرى لا مجال لذكرها هنا، أكتفي بالتوسّل إلى كل صبي أو صبية وأطلب من كل شخص تعرّض لأي نوع من الإعتداء أو التحرّش الجنسي أن يُدرك إذا أراد إستعادة السيطرة على حياته، عليه عدم السكوت عن ما حصل والكشف للعلن وحتى الإبلاغ عن الإعتداء.
إنّ طلب المساعدة لتخطي هذه الصدمة وتردّداتها هو الطريق الوحيد والأسلم.
*إختصاصي في الصحة النفسية والصحة الجنسية
www.heavenhealthclinic.com
This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.