الرقص على إيقاع الوضعيّات الجنسيّة!
لن أدخل كما قد يتخيّل البعض عند قراءة العنوان في تفاصيل الوضعيّات الجسدية على أنواعها لممارسة العمل الجنسي، فوسائل الإعلام والمنشورات الأخرى التي لا تحصى ولا تعد، تزخر بمثل هذه التفاصيل ولا يسعني أن أضيف إليها شيئاً مهماً. لكني أتوجه هنا إلى النساء والرجال، شباباً أو أكثر شباباً، الذين يعتقدون أنهم يعرفون كل المعرفة ومطّلعون على كل ما يتعلق بطريقة ممارسة الجنس(faire l’amour). في الوقت الذي هناك دائماً ما يمكن تعلمه في المتعة الجنسيّة(plaisir sexuel) تماماً كما هو الوضع بالنسبة الى كل الأمور الأخرى في الحياة.
إن الدراسات العلميّة المرتبطة بالوضعيّات الجنسيّة(positions sexuelles) قليلة نسبياً. والوضعيّات التي نشاهدها في الإنتاجات والأعمال الإباحيّة (البورنوغافيّة)(pornographiques) ليست بالواقعيّة أو بالمستحبة وإنما وجدت لتسمح بالتصوير أو لإلتقاط الصور وتسليط الضوء على الجسد العاري(nudité) وعلى الأعضاء التناسليّة(organes génitaux).
وعلى عكس الأفكار المسبقة والمتوارثة، فإن الوضعيّات الجنسيّة ليست علماً بحد ذاته أو تقنيات مفصّلة أو مبرمجة، كما أنها ليست مجموعة متجانسة ومتناسقة ومصنّفة وفقاً لمعايير محددة. تختلف أسماؤها وأعدادها بإختلاف الأزمنة والثقافات والمجتمعات. الكاماسوترا (Kama-sutra) هو في الأصل كتاب غني للغاية وأكثر وضوحاً وعمقاً من النسخ الحالية التي تباع في أيامنا تحت هذا العنوان، والتي تهدف فقط إلى الترويج والتسويق للرسوم والصورة الجنسيّة والإيروتيكيّة(érotiques) أو ذات طابع جنسي.
والأجدى منطقياً وفعلياً هو أن ننظر إلى هذه الوضعيّات الجنسية بإعتبارها حركات لرقصة ما، فلكل ثنائي تفضيلاته الخاصة. والوضعيّات الجنسيّة هي وسيلة من بين وسائل عديدة أخرى لإرضاء الرغبة الجنسية(désir sexuel)، إذ تقدم كل وضعية عوامل وتحفيزات مختلفة ولكل منها صعوباتها في التحركات الجسدية وتعقيداتها النفسيّة الخاصة.
العمل الجنسي يتطلب جهداً معيناً، وتترجم الوضعية الجنسيّة مشاركة هذا الجهد للتأقلم مع حاجات الشريك وللتكيّف مع البيئة أي الجو المحيط بالفعل الجنسي. فبعض الوضعيّات الجنسيّة تلقي على عاتق الرجل مجهوداً بدنياً أكبر من وضعيات أخرى. والأمر المهم الذي يجب ألاّ يغيب عن ذهننا هو أن الوضعية إذا أدت إلى ضغط جسدي أو توتر أو إجهاد أو ألم ما؛ فمن غير المحبّذ المواصلة والإستمرار ومتابعة الوضعية القائمة...
يعتمد الثنائي عدداً من الوضعيّات الجنسيّة لتحسين التحفيز والإثارة والراحة. من هنا، فإن عدم الراحة الجسدية والبحث أو السعي وراء تحفيز أكثر إرضاء يفسّران التغييرات في الوضعيّات الجنسيّة خلال اللقاء الحميم. قد تكون العوامل المحفزة والمثيرة بصرية؛ إذ تسمح بعض الوضعيات بمشاهدة عري الشريك وردود فعله ومراحل إستجابته جنسياً(réponse sexuelle) ومدى إرتياحه لما هو قائم وتفاعله جسدياً ونفسياً.
إختيار الوضعيات الجنسية يعود الى الثنائي من أجل تلبية التوقعات النفسيّة لكل منهما. ومن المهم التذكير بأن العلاقة التي تربط بين صورة الجسد(l'image du corps) والإحساس بعدم الأمان والوضعيّات الجنسيّة، حقيقية وهي جديرة بـأن تؤخذ في الإعتبار للوصول إلى حياة جنسية مرضية ومكتملة وناضجة.
إختيار الوضعيّات الجنسيّة يسمح أو يمنع مشاهدة العري والأجزاء الحميمة لجسد الشريك خلال العمل الجنسي، فثمة وضعيّات تسمح للرجل بمشاهدة جسد المرأة العاري مليّاً، فيما تبرز وضعيّات أخرى هذا العري. نظرة الرجل هذه تفتح باب التساؤل عند المرأة حول التعري ونظرتها إلى جسدها، وهذا ما يفسر الصعوبة التي قد تواجهها بعض النساء في ممارسة وضعيّات جنسيّة محددة.
وثمّة وضعيّات لا تسمح سوى بكشف محدود وخاضع للسيطرة إلى الأجزاء الحميمة من الجسم. في الوقت الذي تسمح وضعيّات أخرى لكلا الشريكين بمشاهدة الأجزاء الحميمة لجسد الشريك بالكامل. وإذا كان عدم أو غياب الحشمة أو الحياء إيجابياً لدى الثنائي الذي تربطه علاقة وطيدة، وتكون إحدى الوسائل للخروج من الروتين في الفعل الجنسي، إلاّ أنها قد تؤدي إلى شعور بالإحراج والقلق لدى ثنائي آخر، أصغر عمراً أو تربطه علاقة مستحدثة. تتفادى الكثير من النساء هذه الوضعيّات لعدم السماح للشريك برؤية المناطق الحميمية والشرجية(anal) من جسدهن.
وعندما تجبر وضعية جنسيّة محددة الشريك على تعريض أجزاء يعتبرها حميمة من جسده لنظرات الآخر، تصبح هذه الوضعيّة مصدر قلق وتوتر.
وتعتبر الوضعيّة مسيطرة أو مهيمنة(dominante) عندما يتحكم الشريك (الرجل كما المرأة) بحركة الآخر. هذا الإحساس بالخضوع يمكن أن يكون مصدر إحباط لدى البعض ومصدر قلق لدى آخرين. كما أنّ إحساساً بعدم الأمان قد ينشأ لدى الثنائي الذي بدأ علاقته حديثاً ويتزامن ذلك أيضاً اللقاءات الجنسيّة بين الأشخاص الذين لا يعرفون بعضهم البعض جيداً. يمكن أن يؤدي العري والسيطرة(domination) إلى ظهور الإحساس بعدم الأمان لدى بعض النساء.
وتعزز بعض الوضعيّات الجنسيّة من هذا الإحساس ، خصوصاً عندما يطلب من المرأة إدارة ظهرها لشريكها الجديد أو القبول بوضعيّات جديدة يكون فيه الرجل هو المسيطر، مما يحرمها من أي إمكان لوقف العمل الجنسي أو إبداء رأيها بما يجري.
ثمة فرق كبير في الرضى الجنسي(satisfaction sexuelle) بين المرأة والرجل، فالأمور أبسط بكثير لدى الرجل مقارنة بالمرأة. ولهذا السبب، فإن تلاقي النظرات ومشاهدة جسد الآخر تنقل الإثارة الجنسيّة (excitation sexuelle) وتساعد إجمالاً في تخطي الممنوعات والمعتقدات المسبقة.
كذلك، تضفي المداعبات(caresses) والملامسات(attouchements) بعداً شهوانياً وحسيّاً (sensualité) على الإثارة الجنسيّة. يكفي بعدها قليل من التعديلات للقيام بممارسات جديدة وتجربة وضعيات متعددة والإستمتاع بأحاسيس متجددة ومختلفة. لا ينفع السعي وراء الإستعراض والإبهار ومحاولة تقليد الصور التي تقترحها الكتب والمواقع الإلكترونيّة(websites) والأفلام الإباحيّة، فالأهم هو تلبية للحاجاتنا الخاصة ولحاجات الشريك والإستجابة لها، من خلال إعتماد الوضعيّات التي تقدم أكبر قدر من الراحة والعمليّة ولما لا المتعة أيضاً.
اختصاصي في الصحة النفسيّة والصحة الجنسيّة
Dr. Pierrot Karam
Sexologist, Psychotherapist and Hypnotherapist
www.heavenhealthclinic.com
This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.
المتعة، المعاناة... وضحيّة الإعتداء الجنسي !
(الجزء الثاني)
29% من حالات التحرُّش أو الإعتداء الجنسي، يكون فيها المعتدي فرداً من العائلة، و60 % يكون فيها من المعارف أو الأصدقاء. 11 % فقط هي نسبة جرائم الإستغلال الجنسي التي يرتكبها شخص غريب. المعتدي هو المسؤول الوحيد عن أعماله ولا يوجد أي عامل خارجي كتأثير الكحول أو المخدرات يعذره أو يُبرّر أعماله. هذه حجج يلجأ إليها المعتدي للتخفيف من أهمية الجريمة التي إقترفها. بينما يلجأ في بعض الأحيان، إلى حجة عدم القدرة على التحكّم بنفسه لتبرير أعماله وإيجاد أعذار لسلوكه.
تُظهر الإختبارات النفسية أن غالبية المعتدين لا يعانون مرضاً نفسياً، فهم واعون كل الوعي ويعرفون تماماً ما يقومون به. إنما أسطورة أو حجّة أو بدعة المريض النفسي، تُريح معظم المعتدين وتُجنّبهم الإقرار بمسؤوليتهم. الجميع قادر على السيطرة على أعماله والتحكم بها وعلى الجميع القيام بأعمال جنسية من دون عنف أو ضغط أو إكراه. معظم الإعتداءات الجنسية يرتكبها معتدون قادرون على السيطرة على ضحيتهم وإذلالها وإرغامها وإجبارها على حميمية جسدية.
عموماً، يعتمد المعتدي - المنحرف جنسياً - إستراتيجية من أربع مراحل :
- أولاً : إقامة علاقة حميمية مستترة تراوح مدّتها بين ساعات عدة وسنوات، وتهدف إلى ترسيخ الثقة لدى الضحية المستقبلية التي لا يراودها أدنى شكّ في نية المعتدي.
- ثانياً : تواصل شفهي أو تلامس جسدي لائق ظاهرياً للشخص الذي سيتعرّض للإنتهاك؛ كتبادل بعض الأسرار ذات طابع جنسي أو حميمي، أو مداعبات للشعر أو قبلات ودّية، بحيث لا تشعر الضحية بالخوف طيلة هذه المرحلة.
- ثالثاً : إتصال جسدي وتحرّش جنسي؛ هذه هي مرحلة الإعتداء. عندها تشعر الضحية بالصدمة... والمفاجأة ... تجد نفسها مُتسمّرة في مكانها... ينتابها الرعب وعدم القدرة على التفاعل... وتستسلم. في حين يكون المعتدي واعياً كل الوعي لما يقترفه في حق الضحية.
- رابعاً : إستمرار الإعتداء والحصول على سكوت الضحية ؛ إما من خلال إذلالها ودفعها إلى الإحساس بالذنب وتهديدها، أو من خلال إغراقها بهدايا وإمتيازات أخرى مختلفة. ومن النادر أن يُخرق هذا الصمت. غالباً ما تُحيط الضحية الإعتداء بسريّة تامة لمدة طويلة ... إن لم يكن لبقية حياتها.
مضاعفات الإعتداء الجنسي تدوم طويلاً وقد تتطوّر وتأخذ أشكالاً مختلفة تؤثّر بطريقة مباشرة على الضحية نفسها، وبطريقة غير مباشرة على علاقات الضحية الإجتماعية وعلى حياتها الزوجية، إذا تزوجت أصلاً.
مضاعفات التحرّش أو الإعتداء الجنسي على الصحة الجنسية والجسدية للضحية :
عادات حياتية خطرة ؛ إستهلاك مفرط للمهدئات والمسكّنات والتبغ والكحول وتعاطي المخدرات ؛ صحة جسدية متردية ؛ إدراك مترد ومغلوط للصحة الجسدية ؛ إستشارات طبية متكررة ؛ حياة ومسيرة مهنية سيئة وغير مُنتجة ؛ أمراض مُزمنة ؛ آلام مُزمنة ؛ سلوك جنسي خطر ؛ علاقات جنسية من دون حماية ؛ شركاء جنسيون متعددون ؛ تعقيدات على مستوى الجهاز التناسلي وخلال الولادة ؛ مشكلات جنسية مثل عسر الجماع والتشنّج المهبلي وإستحالة الرعشة وغيرها...
مضاعفات نفسية :
إكتئاب ؛ إضطرابات في الشخصية ؛ إضطرابات ذهانية ؛ هلع وخوف ؛ ضائقة وكرب نفسي ؛ إنفصام ؛ أعراض ما بعد الصدمة ؛ قلق ؛ تشويه للجسد ؛ تفكير في الإنتحار ومحاولات إنتحار وإنتحار...
مضاعفات على مستوى العلاقات الإجتماعية والحياة الزوجية :
تراجع الثقة في الآخرين ؛ مصاعب / مشكلات في التعلّق والإرتباط ؛ نقص في الإستقرار مع الشريك ؛ تزايد النزاعات العائلية والشخصية ؛ الإنعزال ؛ خوف من الحميمية ؛ عدم إشباع جنسي بين الزوجين ؛ مشكلات ونزاعات زوجية أخرى ؛ عنف زوجي.
في الخلاصة :
جميع الدراسات تؤكد أن 70% من الفتيات و30 % من الفتيان يتعرّضون للتحرّش الجنسي قبل بلوغهم سن الرشد. وهذه الأرقام أكثر من صحيحة في مجتمعنا.
لذلك، ولأسباب عديدة أخرى لا مجال لذكرها هنا، أكتفي بالتوسّل إلى كل صبي أو صبية وأطلب من كل شخص تعرّض لأي نوع من الإعتداء أو التحرّش الجنسي أن يُدرك إذا أراد إستعادة السيطرة على حياته، عليه عدم السكوت عن ما حصل والكشف للعلن وحتى الإبلاغ عن الإعتداء.
إنّ طلب المساعدة لتخطي هذه الصدمة وتردّداتها هو الطريق الوحيد والأسلم.
*إختصاصي في الصحة النفسية والصحة الجنسية
www.heavenhealthclinic.com
This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.
صحة جنسية - المتعة، المعاناة... وضحيّة الاعتداء الجنسي! }الجزء الأول{
11 آذار 2014
التحرّش ليس مُجرّد فعل يقوم به الشخص المعتدي صدفة، بل هو إستغلال يعتبر إنتهاكاً وإستباحةً للطابع المقدس لتكامل الإنسان وسلامته. التحرّش والإعتداء الجنسي هما كل فعل إجباري أو إكراه، إن شفهياً أو بصرياً أو عملياً أو نفسياً، أو كل إتصال جسدي يقوم المعتدي من خلاله بإستغلال ولد أو مراهق أو شخص بالغ من أجل تحفيز جنسي له أو لشخص آخر. مهما كان نوع أو وتيرة التحرّش فهو يُسبب دائماً صدمة نفسية.
على مستوى اللاوعي؛ لا قيمة للوقت، وكأنه توقّف بالنسبة إلى الضحية. تعود ذكريات اللاوعي على شكل إكتئاب متكرر، وإضطرابات ومشكلات جنسية، ونقص في الرغبة، وإشمئزاز وقرف، وبرودة وعجز جنسي، وإستمناء قهري، وخوف من الجنس الآخر وإحتقاره، وخشية من الإرتباط والزواج. كما قد تتجلى هذه الذكريات على شكل دفاعات نفسية على غرار الإستهلاك المُفرِط للكحول أو المخدرات أو الطعام. للتذكير؛ السمنة بشكل خاص تسمح للفتيات الشابات وللنساء اللواتي تعرّضن للإغتصاب، بأن يصبحن، في اللاوعي، أقلّ جاذبية، ما يُؤمّن لهن الحماية من إعتداء آخر.
وفي لحظة ما، تدفع جميع هذه الأعراض، بلا وعي الضحية إلى السماح للمعاناة النفسية بالظهور ويصبح عندها تقبّل فكرة التكلّم عن الموضوع ممكناً. ولكن التحدّث عن هذا الأمر صعب للغاية ويكون إستيعاب هذه الحقيقة صدمة رهيبة. إذ تتساءل الضحية في قرارة نفسها ومن دون حتى الإفصاح عن ذلك صراحةً، إن كانت مذنبة بطريقة أو بأخرى، وإن كان في مقدورها تفادي حصول الأمر؛ وهل كان شخص آخر قد تعرّض للموقف نفسه ليتمكّن من المقاومة والتصدّي للمعتدي والهرب.
وفي كل مرة تغوص فيها ضحية التحرّش الجنسي في ماضيها المرعب، تدفع الثمن غالياً. في المجتمع وفي محيط الضحية، كثرٌ هم الأشخاص الذي يدّعون حسن النية بينما يكون همّهم الأول في حال قرّرت الضحية التحدّث عن الأمر وكشف الحقيقة هو ضمان راحة بالهم الشخصية والإبتعاد عن الأقاويل. حتى أن بعضهم سيتّهمونها بالكذب والمبالغة، ويلقون عليها اللوم لفتح صفحات الماضي ويطلبون منها النسيان وحتى مسامحة المعتدي. والكارثة الأكبر هي أن البعض الآخر سينتقد الضحية ويعتبرها مسؤولة عن ما حصل: الإعتداء أو التحرش.
دمغة أبدية؟
التحرّش الجنسي يدمغ الضحية إلى الأبد؛ يُدنّسها ويدفعها إلى الإبتعاد عن الآخرين والتخفّي والإنعزال. العار والخزي هما مزيج من الخوف من النبذ ومن الغضب تجاه المعتدي، إذ لا تملك الضحية الجرأة الكافية للتعبير عنه. والعار مرتبط بنظرة الضحية إلى ذاتها؛ وكأنها تدنّست إلى الأبد.
تجد الضحية التي تشعر بالعار نفسها أمام حلّين: إحتقار نفسها أو إحتقار المعتدي والأشخاص الذين يشبهونه وينتمون إلى فئته. والنتيجة واحدة في كلا الحالين: تلجأ الضحية إلى التدمير الذاتي لأن كره الذات أو كره الآخرين مدمر. يتجلّى كره الذات على مستوى الجسد، وعلى مستوى الحياة الجنسية، ومن خلال الحاجة إلى الحب، ومفهوم الطهارة والنقاء، والسلام الداخلي والثقة بالنفس وبالآخر. هذا الإحتقار للذات يُخفّف من الإحساس بالعار ويلغي تطلّعات الضحية إلى الحياة الحميمة والعطف والحنان. إحتقار الذات يُخدّر الرغبة ويمنح الضحية إنطباعاً خاطئاً بالسيطرة على معاناتها. وعندما يكون إحتقار الذات في ذروته، يدفع الضحية إلى الشره المرضي – النُهام - وإلى العنف تجاه الذات وحتى إلى الإنتحار. وفي الحالات الثلاث، تُنزل الضحية العقاب بجسدها لأنه موجود ولكونه يشعر بالرغبة.
بين الواقع والخيارات
أمام الضحية خيارات عديدة: إما المقاومة والكفاح من خلال تغذية غضبها تجاه المعتدي أو عبر الإجترار والتفكير في الإنتقام منه، أو الهروب من خلال محاولة النسيان والقسوة على نفسها من أجل إيقاف المعاناة ووضع حدّ لها والإنطواء على الذات بحيث تُصبح غير مبالية لا تشعر بأي عاطفة أو رغبة. حلّان عقيمان وعديما الفائدة لأن العدو والخصم ليس المعتدي؛ هو بالتأكيد مشكلة ولكنه ليس بالمشكلة الأهم. العدو الحقيقي هو إصرار الشخص - الضحية - على البقاء في حلقة المعاناة المفرغة، في الفراغ والموت الروحي والنفسي، وعلى رفض إستعادة حياته الطبيعية. العدو إذاً يكمن، للمفارقة، في الضحية نفسها.
سفاح القربى
وفي حالة سفاح القربى - inceste - يبدو لها أن المقرّبين منها، أي الأهل والعائلة والأقرباء لم يؤمّنوا لها الحماية الكافية اللازمة كما يُفترض بهم أن يفعلوا، وأن والديها لم يشعرا بشيء أو تجاهلا الأمر وإدّعيا عدم المعرفة. بالنسبة الينا جميعاً، لا يوجد أمر أبغض وأكره من التعرض للخيانة من شخص كان من المفترض أن يُكنّ لنا الحب والإحترام. لذا تشعر ضحية الإستغلال الجنسي بأن المعتدي ليس الشخص الوحيد الذي وضعت ثقتها فيه وخانها، وإنما هذا الأمر ينطبق أيضاً على الآخرين الذين لم يتدخلوا لوضع حد للإستغلال وإيقافه، سواء كان ذلك بسبب الإهمال أو التواطؤ أو المشاركة في الجريمة. والخيانة تؤدي إلى الحذر الشديد والشكّ خصوصاً حيال الأشخاص الأكثر تودداً. وإلى فقدان الأمل بالتقرّب من الآخرين وخوض حياة حميمة والشعور بالأمان... لأن أولئك الذين كانوا قادرين على ذلك، لم يفعلوا! إحساسها بأن تعرّضها للخيانة، حصل لأنها تستحق ذلك بسبب خلل ما في جسدها أو في طبعها أو في شخصيتها.
ينتابها إحساس بالتناقض والإزدواجية، كونها تشعر بأحاسيس متضاربة. تناقض يحوم حول مشاعر سلبية: العار والعجز والمعاناة التي تكون مصحوبة بالمتعة في بعض الحالات، سواء كانت على مستوى العلاقات على غرار الإطراء، أو كانت حسيّة على غرار المداعبات، أو جنسية على غرار لمس بعض الأعضاء وغيرها. بعض الأشخاص يتفاعلون مع التحفيز الجنسي من خلال الشعور بمتعة ما خلال الإعتداء. ولكن هذا لا يعني على الإطلاق أن الضحية تقبل بالإعتداء الجنسي وتحبّذه. ليست سوى ردة فعل جسدية خارجة عن سيطرتها. كما وأن البعض الآخر لا يشعر بأي متعة خلال الإعتداء. إقتران المتعة بالمعاناة يؤدّي إلى أضرار جسيمة: تشعر الضحية بالمسؤولية عن تعرّضها للإستغلال لأنها أقنعت نفسها بأنها تعاونت وتواطأت، كونها تظنّ أنها شعرت بالرغبة وإستمتعت.
بين الضحية والمذنب
في حال كان للشخص – المعتدي – سلوكاً جنسياً غير مناسب، ثمّة إحتمال كبير أن يكون ذلك بسبب تعرّضه هو لإعتداء جنسي في مرحلة ما من حياته. والمعتدون هم في غالبيتهم شبّان يافعون أو أشخاص ينتمون إلى جميع فئات المجتمع ومن جميع الأوساط الإجتماعية. وهم عادةً من محيط الضحية: زميل، أو جار، أو مسؤول، أو جليس أطفال، أو مدرّس، أو ربّ عمل، أو مرجع تربوي أو روحي، أو صاحب مكانة إجتماعية، إلخ... ولكن المعتدي أيضاً وفي معظم الأحيان يكون أحد أفراد العائلة: الأب، أو العم، أو الخال، أو الجد، أو زوج الأم، أو الأخ... ومن النادر أن يكون شخصاً غريباً عن الضحية. والإعتداءات الجنسية قد تحصل في أي عائلة، حتى تلك التي تبدو سليمة من دون أي مشكلات. وعندما يحصل إعتداء جنسي في أي عائلة، المعتدي هو وحده المسؤول وليس بقية أفراد العائلة. والمشكلات العائلية إن وجدت لا تشكل أعذاراً للمعتدي ولا تبرر أفعاله.
التتمة في الجزء الثاني ...
*إختصاصي في الصحة النفسية والصحة الجنسية
www.heavenhealthclinic.com
This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.
عذراً عزيزي... لكنّها السلطانة!
منذ الأزل، أدرك الرجل السلطة التي تملكها المرأة عليه واستمرارية ذريته. والأهم من ذلك؛ على حياته الجنسية. لذا وعلى مدى التاريخ البشري سعى الرجل على الدوام إلى فرض نظم وقوانين إجتماعية ليكبح المرأة، ويحد من توسع سلطانها. ونجح الأمر إلى الحد الذي باتت فيه المرأة في يومنا هذا في حرب لا هوادة فيها لإستعادة البعض من مكانتها في تركيبة المجتمع - إذا لم نقل البعض من السلطة - أقله في حدود المساواة مع الرجل.
ولسخرية القدر، من أجل الوصول إلى مبتغاهن تحتاج النساء إلى الرجال، فهؤلا هم أنفسهم الذين يسنون القوانين والشرائع ويضعون الأعراف والتقاليد الإجتماعية، سواء من مواقعهم كرجال سياسة أو كرجال دين، أو كأدباء وعلماء. وفي هذا السياق، ومن باب السخرية أيضاً أليس "يوم المرأة" بمثابة النكتة؟
لا تدرك المرأة بشكل عام أنها من يمتلك زمام الأمور والسلطة، لذا فهي تتصرف بشكل خجول ولديها الكثير من الشكوك في قدراتها الحقيقية وتفتقر إلى الثقة بالنفس. ذالك لأن في الواقع يساهم عالم الرجال والسلطة، بالإضافة إلى التربية المدنية والدينية والمحظورات التي تترتب عنها، في إحساس المرأة بالدونية.
القوة... هي!
يمكن لأي إمرأة، حتى لو لم تمّن عليها الطبيعة بالجمال، أن تمارس الإغراء وتفرض سلطتها على الرجل. العنصر الجمالي موجود فقط ليكرس الأنوثة. ومن أولى الأمور التي تملكها المرأة هي القدرة على القبول كما القدرة على الرفض أيضاً.
وعلى الصعيد النفسي، لا ينسى الرجل أبداً أنه أبصر النور من أحشاء المرأة ومن رحمها. وهو أمر منطبع في ذاكرته وفي عقله الباطني. كذلك، هو يتذكَّر جيّداً أن المرأة هي من قدمت له الرعاية الأولية وهي التي قامت بحمايته وإطعامه وتربيته وحبه، وأنها كانت حبه الأول (والأخير غالباً). لذلك فهو سيشعر تجاهها بالحب والخوف معاً، تجاه المرأة (ومهبلها)، طوال حياته.
على الصعيد الجنسي
الرجل متطلب على المستوى الجنسي، ولطالما قام بكل ما في إستطاعته من أجل تحويل رفض المرأة التي يرغب فيها إلى قبول. فالأزياء والأكاذيب والسيارات الفخمة والجميلة، أو حتى المطاعم واليخوت والهدايا على جميع الصعد، الغالية منها والبسيطة، والمال، وجميع أنواع الحيل والألاعيب والتعاويذ والضغوط النفسية وغيرها، ليست سوى مجموعة محاولات ذكية لإغواء المرأة جنسياً.
يجب على المرأة أن تكون واعية لسلطتها وأن تمارس إغراءها بدهاء وبراعة وذكاء.
وكي نكون دقيقين، لطالما أعتُبر الجنس تاريخياً مجرد سلعة. فهو مصدر قّيم للسلطة، وتقليدياً لطالما كانت الثروة الأكثر أماناً بالنسبة للمرأة هي القدرة على منح خدماتها الجنسية. السلطة الجنسية هي... السلعة الأنثوية بإمتياز. تختبئ في ثنايا ذاكرة المرأة سنوات من الرسائل التي تخبرها أن الجنس هو أثمن ما تملك في حال تم ترشيده وعلمت الكيفية الأفضل لإستخدامه، وصعُب الوصول إليه.
قد يملك السائق مفاتيح سيارة قوية ويرتدي زياً مثيراً للإعجاب، ويمكنه حتى أن يختار المسار الذي سيتبعه. لكنه ليس هو من يقرر إلى أين التوجه ولا التوقيت. الرجال خلف المقود هم في خدمة السيدة "حواء" للذهاب والوصول إلى حيث هي تريد، وعندما هي ترغب.
وعندما نقول أن الرجل يقترح وأن المرأة هي من تقرر، هذا ليس صحيحاً فقط، وإنما هذا هو الواقع الذي يحدث في حياتنا اليومية. المرأة المرتاحة مع ذاتها ومع أنوثتها هي التي تمسك بزمام الأمور.
تجريده من العدوانية
تملك المرأة المقدرة على وعد الرجل بالنشوة وتمكينه من بلوغها، وبالتالي المقدرة على تجريده من أي عدوانية. إذ يفقد الرجل في المرحلة التي تلي القذف أي قدرة على الهجومية وأي روح قتالية. يفقد الرجل عقله عندما يكون في مرحلة الإثارة أو البؤس الجنسي.
إستخدام المرأة لهذا السلطان للوصول إلى مبتغاها أو للدفاع عن نفسها، فهذا أمر طبيعي وجيد جداً.
في الحياة اليومية، وعندما تدرك المرأة القوة التي تملكها، تسمح لها هذه القوة بالتفوق على الرجل والنضوج وتحقيق الذات والسعادة في الحب، وبالتحرر جنسياً، والإستفادة من متعة غير محدودة من دون قيود أو إحساس بالذنب. وفي كل مرة، تصل فيها المرأة إلى النشوة تتضاعف مستويات هورمونات الشباب لديها خمس مرات وتحافظ على جمال وجسد يسلبان لب جميع الرجال التي قد ترغب في تطويعهم. القدرة على الرفض هو نوع آخر من القوة، وهو فعال مع الرجال.
لكِ سيدتي
"الكلمة الأخيرة لي: زوجتي على حق". من الناحية النفسية، وفي تسعة من أصل عشرة حالات، تتفوق المرأة على الرجل بشكل عام بطرق بعيدة عن المواجهة المباشرة، وإنما بطرق تشمل التلاعب على عنصر الإحساس بالذنب والخجل واللوم.
يجب على الرجل أن يتعلم كيفية عدم التأثر بالنساء عندما يلزم عليه ألا يفعل ذلك.
وبكلمات أخرى سيدتي، ولكي تتمكني من ممارسة سلطتك وإدارتها على أكمل وجه، تذكري هذه المقتطفات من بعض ما يفكر فيه الرجال، ولا تنسي بشكل خاص أن تستخلصي منها العبارات والقرارات الصائبة: يقول الرجل:
- أنا مستعد لأي شئ لكي ينتهي بنا الأمر في السرير، حتى لو كان ذلك الوعد بأن نمضي ما تبقى لنا من عمر معاً.
- عندما تلاحقني امرأة، أفقد أي إهتمام بها. أبادر إلى الهرب عندما أشعر بأنني ملاحق.
- ضعي لي حدوداً من فترة إلى أخرى: أحتاج أحياناً إلى أن تقولي لي "لا"، إذ يمكنني حينها أن أعرف قيمتك وأن أتعرف على شخصيتك.
- لا تحاولي تغييري: لن تتمكني أبداً من تحقيق ذلك، حتى لو كان ذلك بنية صادقة.
- إذا قبلتِ بجميع ما أقوم به أو جميع ما أقوله، سأفقد أي إحترام لك. وفي أعماقي، لن أحبك. لكي أحبك، يجب أن أحترمك.
- أحب أن ترتدي فستاناً وأن يكون شعرك طويلاً. أحب من الناحية البصرية كل ما يميزك عني جسديا.
- أحب أن تكوني أنثى، وبالتالي مختلفة عني.
- حين تخضعين لي من دون أي شرط، لا يمكنني أبداً أن أقع في حبك. ما أحتاجه في الواقع هو شريكة وليس لعبة.
- عندما أنتظر منك شيئاً، سواء أكان جنساً أو مشاعر أو إهتمام، لا تعطيني كل شيء دفعة واحدة. إمنحيه لي بشكل أبطأ مما أتوقع. سيجعلني هذا الأمر متيّماً بك.
- موقفك من نفسك هو الموقف نفسه الذي سأتخذه منك. كوني رفيقة نفسك وسأقوم بالأمر نفسه.
- أجد حقاً صعوبة في تحمل الأصوات الأنثوية القوية والعدائية. ليس ما تقولين هو ما يثير نفوري، إذ يمكنني أن أتقبله. ولكن لا ينطبق هذا الأمر على نبرة الصوت المرتفعة والطريقة التي تقال بها الأمور.
- ثقتي بنفسي أقل بكثير مما تعتقدين. لماذا تظنين إذاً أنني أحتاج إلى هذا الكم من التقدير؟
- أعشقك حين تبتسمين لي. إبتسامة المرأة من أجمل الأشياء في هذا الكون. إبتسمي لي وسأكون تحت إمرتك.
- لا أملك أدنى فكرة عما يدور في رأسك، لا يمكنني أن أقرأ أفكارك. أخبريني ببساطة ماذا تريدين وسأقوم بكل ما يلزم لإرضائك.
- إذا لم تجدي نفسك جميلة فلن تصدقيني حين أخبرك أنك جميلة، حتى لو كررت لك ذلك مئة مرة.
- وزنك ليس مهماً، بل المهم هو التناسق فيه وتصرفك وإحساسك تجاه جسدك.
- إذا قمتِ بخيانتي، سيكون من شبه المستحيل أن أغفر لك.
- تنتابني أحياناً أفكار غريبة، إذا لم أقل مجنونة شهوانية ومثيرة. لا تخبري أحداً بها. ومن الأفضل غالباً ألا تعرفي بما أفكر به.
الدنيا على شكل أنثى؟!
ولكن أود أن ألفت إنتباهك سيدتي إلى أن المرأة اللعوب هي مثال سيء للغاية. فعندما نرغب بإشعال النار، من المهم أن نعرف كيف نتحكم بها وكيف نطفئها!
لذا لا يمكن للمرأة أن تسمح لنفسها بعدم معرفة الوظائف النفسية والجنسية للرجل، فمثل هذا الجهل خطير للغاية ويمكن أن يصبح كارثياً.
تسيطر المرأة المدركة لقواها على الرجل، وبهذه الطريقة تعرض نفسها بشكل أقل لخطر الإستغلال والإغتصاب والتعنيف والإذلال. يهاجم الرجل غالباً المرأة الأكثر سهولة والأكثر تردداً في إتخاذ قرارتها، أي تلك التي لا تقول نعم، ولا تواجهه بالرفض من جهة أخرى. قد يكون ذلك بداعي الخوف، وفي هذه الحالة تساعد قوة الشخصية والثقة بالنفس المرأة على إتخاذ موقف الدفاع النفسي وكذلك الجسدي، إذ تدفع أكثر الرجال اصراراً على الهرب.
وفي الخلاصة، لا تطرحي على نفسك السؤال حول إذا ما كان من الأجدى أن تأتي إلى هذه الدنيا على شكل ذكر أو أنثى. إذا كنتِ تسعين وراء السلطة، من الأسهل بالنسبة إليكِ أن تتوصلي إليها كإمراة.
في هذا الإطار، يقوم الرجل ببذل الكثير من الجهود ويعمل بكد. بالنسبة إليه الأمر صعب وقاس للغاية، وبالرغم من كل هذه الجهود، لن يتمكن أبداً من الحصول على سلطة كاملة على المرأة.
ولا يجب أن ننسى أن الطبيعة منّت على المرأة بكل ما يلزمها من أسلحة لتدافع عن نفسها. يجب أن تكون المرأة واعية تماماً لهذا الأمر.
وفي هذا الإطار، يمكن لها أن تحتاج إلى بعض التوجيه أو المساعدة الخارجية لتسترجع هذه القوة وهذا الهدوء وهذه الثقة بالنفس، والأهم من هذا كله، إحترام الذات.
لا يمكن للفتاة أو المرأة أن تحمي نفسها من أي عنف جسدي أو نفسي من قبل الرجال إلا بهذه الطريقة، سواء أكانوا أزواجاً أو شركاء أو آباء أو أشقاء أو أبناء أو أصدقاء، ومن أي إستغلال أو إعتداء من قبل المعتدين على الأطفال والمغتصبين، وأي نوع آخر من الإعتداءات.
سيدتي، لكي تتمتعي بحياة هانئة ومُرضية بشكل كامل، يجب أن تدركي قوتك الحقيقة وأن تعرفي أفضل طريقة لإستخدام سلطتك بما يخدم مصلحتك. لذلك وعند اللزوم، لا تترددي في إستشارة إختصاصيين يعرفون كيفية إبراز الملكة الكامنة في داخلك، لكي تبسطي سلطانك على كامل مملكتك.